«أوربيتال».. رواية تكشف هشاشة الأرض في مواجهة التغير المناخي

للكاتبة لسامانثا هارفي الفائزة بجائزة بوكر الأدبية

«أوربيتال».. رواية تكشف هشاشة الأرض في مواجهة التغير المناخي
الكاتبة سامانثا هارفي الحائزة على جائزة البوكر

أثارت رواية "أوربيتال" أو “مداري” للكاتبة سامانثا هارفي، التي فازت بجائزة بوكر الأدبية، اهتماماً واسعاً لما تناولته من مواضيع بيئية واجتماعية تعكس القضايا الحاسمة في عصرنا الحالي.

ووفقا لتقرير نشرته مجلة "الإيكونوميست"، اليوم الخميس، تتناول رواية “أورينتال”التأثيرات الإنسانية على كوكب الأرض، وذلك من خلال أحداث تدور على متن محطة الفضاء الدولية، حيث يراقب 6 رواد فضاء كوكب الأرض من مدارهم، ويشاهدون الأرض وهي تدور بهم 16 مرة خلال يوم واحد فقط.

من هذا المنظور، يسلطون الضوء على التغيرات المناخية والأضرار البيئية التي أحدثتها الأنشطة البشرية، مثل التلوث والمخلفات البلاستيكية والاحتباس الحراري.

وعلى الرغم من قلة الأحداث الدرامية في الرواية، فإن الكاتبة استغلت هذا الصمت الفضائي لتأمُل الأمور الكبيرة والصغيرة في الحياة الإنسانية، حيث إن الرواية ليست مجرد قصة في الفضاء بل هي رحلة تأملية حول مصير الكوكب.

ولا يظهر في الرواية كائنات فضائية أو مواجهات بين الرواد، بل تقتصر الأحداث على المهام اليومية التي يؤديها الطاقم وتدور نقاشاتهم حول تأثير البشر على الأرض بشكل يومي، ما يضفي على الرواية طابعاً عميقاً أشبه بقصيدة ممتدة تستدعي التفكير في وجود الإنسان ومستقبله.

التحدث من أجل الكوكب

وأشارت مجلة "التايمز" إلى خطاب هارفي عند تسلمها الجائزة، حيث دعت إلى ضرورة "التحدث من أجل كوكب الأرض"، مشيرة إلى أهمية معالجة التدهور البيئي والحفاظ على التوازن البيئي كأولوية قصوى.

ومع ذلك، تعرضت الرواية لبعض الانتقادات، فوصف بعض النقاد أسلوب السرد في هذه المواضع بأنه يقترب أحيانًا من "التوبيخ البيئي"، ما قد يعتبره البعض أسلوبًا خطابيًا مفرطًا، ومع ذلك، فإن هذا الطابع يعد أحد أسباب تميز "أوربيتال" كعمل أدبي يواكب التحديات البيئية المعاصرة.

وتعتبر "أوربيتال" علامة فارقة في الأدب البيئي، إذ تعكس بعمق الأزمات البيئية التي تواجه الكوكب وتثير تساؤلات حول دور الإنسان في تحقيق الاستدامة البيئية والانسجام مع الطبيعة.

وتأخذ الرواية منحى فلسفيًا وتأمليًا، حيث يظهر ذلك بوضوح من خلال تجربة "تشي"، وهي إحدى الشخصيات التي تنظر إلى صورة والدتها المتوفاة على الأرض، في مشهد يحاكي الفجوة العاطفية والوجودية بين حياة الإنسان الزائلة والتأثيرات الواسعة على كوكب الأرض، مما يسلط الضوء على المسؤولية الأخلاقية للبشرية تجاه الأرض وحمايتها​.

ووفقًا لـ"الإيكونوميست"، فإن هذه اللحظات التأملية البسيطة تسلط الضوء على الطبيعة الفريدة للرواية، حيث يتقاطع جمال الكتابة الأدبية مع دقة الموضوع البيئي المعالج​.

لمحات نقدية حول التلوث

وتضمنت الرواية لمحات نقدية حول التلوث والتغير المناخي، كإشارة الراوية إلى التأثيرات السلبية لظواهر مثل "المد الأحمر" الناتج عن التلوث في المحيط الأطلسي.

وفي ما يتعلق بتأثير الرواية على القراء، أكد موقع "الغارديان" أن التجربة القرائية لـ"أوربيتال" قد تتطلب تفرغًا كاملًا وتركيزًا عميقًا من القارئ للاستمتاع بالتفاصيل الدقيقة واللغة الأدبية المكثفة.

وينصح النقاد بأن تُقرأ الرواية في جلسة واحدة لإبراز دقتها وجماليتها، حيث تمثل كل كلمة وكل مشهد جزءًا من لوحة شاملة تجسد الهموم البيئية وتدفع القراء للتفكر في مسؤوليتهم نحو الكوكب.

في المجمل، يمكن القول إن أوربيتال ليست مجرد رواية عن الحياة في الفضاء، بل هي تأمل أدبي عميق حول مستقبل الأرض وحتمية التغيير البيئي، ما يجعلها إضافة قيمة للأدب الحديث الذي يعبر عن قضايا البيئة ويدعو إلى مواجهة تحدياتها بمسؤولية ووعي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية